التنمية ومؤسساتها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النمو السكاني والتنمية الاقتصادية

اذهب الى الأسفل

النمو السكاني والتنمية الاقتصادية  Empty النمو السكاني والتنمية الاقتصادية

مُساهمة من طرف Admin السبت يونيو 23, 2012 7:05 am

النمو السكاني والتنمية الاقتصادية

منقول للافادة

1 - مقدمة :

دائما ما يثور التساؤل حول ما إذا التحكم في النمو السكاني يعتبر شرطا ضروريا لعملية التنمية الاقتصادية؟. ان هناك ادعاءا في الدول الرأسمالية المتقدمة بأن الدول المتخلفة لن تخرج من دائرة الفقر الخبيثة ما لم يتم التحكم في النمو السكاني. بينما كانت وجهه النظر الاشتراكية حول السكان أنه عند الحديث على التنمية لابد وأن نضع قضية السكان جانبا. ذلك أن الفقر الذي تعاني منه الدول المتخلفة إنما يرجع الى الاستغلال الاقتصادي لهذه الدول من جانب الدول المتقدمة والسيطرة السياسية على هذه الدول، وهذا هو السبب الرئيسي في الفقر النسبي لهذه الدول من وجهه النظر الاشتراكية. ومن الأمور الملفتة للنظر أنه حينما عقد المؤتمر العالمي للسكان في عام 1974، أنتهي المؤتمر الى خطة عمل تدعو الدول المتقدمة الى أعطاء أولوية أساسية لبرامج تنظيم الاسرة للسيطرة على الخطر الاكبر الذي يهدد التنمية الاقتصادية فى هذه الدول وهو النمو السكاني. وفي عام 1984 حينما عقد في المكسيك المؤتمر العالمي للسكان خرجت الولايات المتحدة بفكرة جديدة مخالفة لتلك التي تبنتها في مؤتمر بوخارست عام 1974. فقد رأت الولايات المتحدة أن النمو السكاني ليس بالضرورة أمرا سيئا، وأن المناخ الاقتصادي الحر هو المكون السحري لكل من التنمية الاقتصادية والتحكم في الخصوبة. فبالرغم من أن العالم كان متفقا على وجهه النظر القائلة بأن النمو السكاني يعد عاملا مقيدا للتنمية الاقتصادية عام 1974، فانه في عام 1984 كان هناك شبه انفاق حول وجهه النظر الامريكية بأن القضيتان (التنمية والسكان) ليستا متناقضتان بهذه الصورة.

وهكذا من الواضح أن هناك 3 وجهات للنظر متعلقة بالعلاقة بين النمو السكاني والتنمية كالاتي:
1 - أن النمو السكاني عامل مشجع للتنمية الاقتصادية.
2 - أن النمو السكاني ليس عاملا ذو أهمية لعملية التنمية الاقتصادية.
3 - أن التنمية الاقتصادية عامل مقيد للتنمية الاقتصادية.

2 - ما هي التنمية الاقتصادية:

أن أكثر التعاريف شيوعا للتنمية الاقتصادية هي أنها تمثل نموا في الدخل المتوسط والذي عادة ما يعبر عنه بمتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي. أو بعبارة اخرى زيادة متوسط الناتج للفرد لأن زيادة الناتج ستؤدي الى زيادة الدخل. على أن المقصود بالزيادة في الدخل هنا هو الزيادة في الدخل الحقيقي، وليس الدخل النقدي. ويعد التحسن في مستوى رفاهية السكان أحد الجوانب المهمة لعملية التنمية، لإنها لا تنطوي فقط على مجرد الزيادة في الانتاجية، ولكن أيضا على زيادة قدرة الناس على الاستهلاك بشكل أكبر، سواء كانت تلك السلع المستهلكة مشتراه بواسطتهم أو مقدمة اليهم بشكل مجاني لتحسين مستوى معيشتهم. كذلك يدخل ضمن قائمة التحسن الناتج عن التنمية ليس فقط مجرد الزيادة في الدخل، ولكن أيضا تحقيق فرص أكثر استقرارا للتوظف، وتعليم أفضل، ومستويات أفضل من الصحة والتغذية، واستهلاك أكثر للغذاء، وسكن أفضل، وزيادة في الخدمات العامة المقدمة مثل الماء، والطاقة والنقل، ووسائل المتعة والرفاهية، وزيادة في خدمات البوليس والأمن. ومثل هذا التحسن في الرفاهية البشرية لا شك يساعد على زيادة الانتاجية الاقتصادية

3 - النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية

ان النمو الاقتصادي يتعرف الى مجرد الزيادة الكلية في ثروة المجتمع بغض النظر عن أجمالي عدد السكان. بينما ترتبط التنمية الاقتصادية ليست فقط مجرد زيادة تحدث في دخل المجتمع، ولكن لابد وأن يصاحب هذه الزيادة تحول جوهري في مستوى رفاهية الفقراء، زيادة مستويات التعليم والصحة وغيرها.على أن قياس التنمية الاقتصادية باستخدام متوسط نصيب الفرد من الدخل يخفي فروقا هائلة بينما يتعلق بتوزيع الدخل. فربما تعكس زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل الزيادة التي تحدث في أرباح عدد قليل فقط من السكان وليس كل السكان، أى قد يترتب النمو تركز في الثروة. إلا أن هناك من يرى أن تركز الثروة في يد فئة قليلة هو السبيل الوحيد لتكوين المدخرات اللازمة للاستثمار ومن ثم النمو الاقتصادي. على سبيل المثال يرى كزنتس kwznets أن عدم العدالة في توزيع الدخل عادة ما يكون الصفة الغالبة للمراحل الاولى لعملية التنمية الاقتصادية حيث يكون التكوين الرأسمالي أمرا حيويا، ثم يمكن بعد ذلك أحداث قدر من العدالة في توزيع الدخل في المراحل اللاحقة. وعادة ما ينطوي النمو الاقتصادي عن استخدام الالات التي تعمل بصورة أكثر كفاءة وأقل تكلفة من البشر، وهو ما يؤدي الى أحداث نمو اقتصادي يؤدي الى رفع متوسط نصيب الفرد من الدخل (من الناحية الاحصائية) إلا أن المستوى الحقيقي للمعيشة لمعظم السكان قد ينخفض، أى أن التنمية الاقتصادية لم تحدث.

من ناحية أخرى ففمن الممكن أن يحدث العكس، أو ربما ينخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل (إحصائيا) ويرتفع مستوى المعيشة نتيجة عملية اعادة توزيع الدخل. وفي مثل هذا الموقف الاخير تحدث التنمية الاقتصادية إذا أستمر المجتمع سفي الحفاظ على تحسين مستويات المعيشة. وبأختصار فان التنمية الاقتصادية في معناها الواسع تعني استمرار الزيادة في الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للسكان.

العلاقة بين السكان والتنمية
ان العلاقة بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية يمكن النظر اليها من الناحية التاريخية من ثلاثة أركان. ففي الركن الأول سنجد أن القوميين Nationalists يرون أن النمو السكاني سوف يشجع على التنمية. فالقوميون يسعون نحو تحرير بلادهم من الاستغلال والسيطرة الاقتصادية من خلال تكوين دول قوية فمن الافكار الاساسية للايدلوجية القومية هي أن المزيد من السكان سوف يؤدي الى المزيد من الانتاجية ومن ثم مزيد من القوة الاقتصادية. وربما أقتربت وجهه النظر الامريكية في موتمر السكان العالم عا 1984 في المكسيك من هذا الاتجاه حينما انخصرت وجهه النظر الامريكية الرسمة في أنه في أى مجتمع حر من الناحية الاقتصادية سوف يؤدي النمو السكاني الى زيادة الطلب ومن ثم تشجيع الاقتصاد.

أما في الركن الثاني فاننا نجد الماركسيين يومنون بأن عدم العدالة الاقتصادية والاجتماعية تنشأ أساسا من عدم وجود جهود تنموية أصلا، والاعتقاد الخاطئ بأن السكان يشكلون مشكلة. أن الماركسيين يؤمنون بأنه ليس هناك أى علاقة سببية بين السكان والتنمية الاقتصادية والد الفقر والجوع والأمراض الاجتماعية الأخرى المصاحبة للتنمية الاقتصادية هي نتيجة لطبيعة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة وليس بسبب النمو السكاني.

وأخيرا فإنه في الركن الثالث فاننا نجد المالثاسيون الجدد. فهؤلاء كما سبق أن رأينا يدعون بأنه اذا لم تكن هناك موانع للنمو السكاني فان المكاسب الاقتصادية الناتجة عن التنمية سوف تزول بفعل هذا النمو. وكما سبق أن رأينا أن هناك خلاف بين مالثاس والمالثاسيون الجدد حول قضية تحديد النسل. أذ يرفض مالثاس تحديد النسل إلا من خلال الموانع المتوافقة مع الأخلاق، بينما يرى المالثاسيون الجدد في تنظيم النسل وسيلة من وسائل الحد المنعي للزيادة السكانية. والآن دعنا نتناول وجهات النظر هذه بالتفصيل.

هل النمو السكاني عامل مشجع على التنمية الاقتصادية

إن الاقتصادي كولن كلارك البريطاني الجنسية هو أشهر من دعى الى فكرة أن النمو السكاني عامل مشجع على التنمية. فيؤكد كلارك أنه على المدى الطويل يؤدي النمو السكاني الى التنمية الاقتصادية، وليس انخفاض أو عدم نمو السكان. ويستخلص كلارك هذه الآراء من دراسته لتاريخ أوروبا حيث كانت الثورة الصناعية والزيادة في الانتاج الزراعي مصاحبة لنمو سكاني كبير. وتقوم حجة كلارك على أساس أن النمو السكاني هو العامل المحفز على استغلال الأرض غير المزروعة وتجفيف الاراضي الصالحة وتطوير المحاصيل جديدة والأسمدة، وأساليب الري وكل هذه التطورات مرتبطة بالثورة في قطاع الزراعة. إذن النمو السكاني وفقا لوجهه النظر هذه هو القوة القادرة على جعل هذه المجتمعات تغير من أساليب الانتاج الخاص بها وتحول هذه المجتمعات في الأجل الطويل الى مجتمعات أكثر تقدما وأكثر انتاجية. فالعالم وفقا لذلك المدخل مازال لديه أمكانيات هائلة للزراعة لم تستغل بعد. أما في الدول الصناعية فان الاثار الاقتصادية المفيدة للآسواق الكبيرة واضحة تماما، ومن ثم فان المشكلة الأساسية ليست هي النمو السكاني ولكن الزيادة الواضحة في الثروة في بعض الاماكن التي ينمو فيها السكان، وجاذبية هذه الاماكن للمهاجرين والاتساع غير المنظم لحجم المدن.

من ناحية أخرى نجد أن الاقتصادي هير شمان يسير في نفس الخط والذي يرى الآتي:
1-أن الزيادة في السكان سوف تؤدي الى تخفيض مستويات المعيشة للسكان، الا إذا كان هناك اهتمام من جانب السكان بمستويات معيشتهم والسعي نحو زيادتها من خلال زيادة الانتاج.

2- إن أحد القواعد المتعارف عليها من الناحية السيكولوجية أن الناس دائما ما ترفض تخفيض مستويات المعيشة الخاصة بها

3- ان الانشطة التي يقوم بها المجتمع الذي يرفض انخفاض مستويات المعيشة بالنشبة لسكانه سوف تؤدي الى زيادة قدرات هذا المجتمع. ومن ثم يكون قادرا على استغلال فرص النمو الاقتصادي التي كانت متاحة فيما سبق ولم يتم استغلالها.

إن فكرة أن النمو السكاني مشجع لعملية التنمية له أسس من الناحية التطبيقية، وليس فقط من الناحية النظرية. ففي أوروبا والولايات المتحدة الامريكية هناك بعض الدلائل التي تشير الى أن النمو السكاني كان عاملا مشجعا على التنمية. بل أن بعض دراسي التاريخ يرون أن الانخفاض في معدلات الوفيات الذي سبق الثورة الصناعي بسبب السيطرة على الطاعون هو العامل الذي أدى الى أحداث الثورة الصناعية والسبب في ذلك كما يوضح كلارك أن انخفاض الوفيات أدى الى زيادة في معدلات النمو السكاني والذي أدى بعد ذلك الى زيادة الطلب على الموارد الاخرى. أما في الولايات المتحدة الامريكية فان إنشاء خطوط المواصلات الحديدية أدى إلى فتح الحدود بين الولايات ومن ثم الى زيادة مستوى التنمية الاقتصادية. فقد أدت سكك المواصلات الحديدية الى الاسراع بمعدلات النمو في الولايات الغربية بسبب تدفق المهاجرين الى هذه الولايات.
وعلى الرغم من أن التاريخ يثبت أن النمو السكاني كان عنصرا مشجعا على التنمية الاقتصادية في الدول الصناعية، فان الاحصاءات تشير الى وجود فارق جوهري بين الدول المتقدمة في بأوروبا وأمريكا والدول المتخلفة في باقي دول العالم. فالدول المتخلفة الآن لا تقوم باتباع نفس الخطوات التي أتبعتها الدول المتقدمة في سبيل نموها. على سبيل المثال فان الدول المتخلفة تبدأ بناءها الاقتصادي على أسس أقل كثيرا من تلك الاسس التي قام عليها البناء الاقتصادي في الدول المتقدمة. من ناحية أخرى فانه بالرغم أن بعض الدول المتخلفة قد حققت معدلات نمو أعلى من تلك التي تحققتها الدول الصناعية في مراحلها الاولى، إلا أن معدلات النمو السكاني بها أعلى أيضا وبصورة جوهرية. فمعدلات النمو السكاني بهذه الدول أعلى من تلك الخاصة بأوروبا والولايات المتحدة بل إن معدلات النمو السكاني في الدول المتخلفة ليس لها مثيل في التاريخ الانساني السابق. ومن الواضح أن النمو السكاني ربما كان عاملا مشجعا على النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة وذلك من خلال إجبار السكان على تغيير النمط الذي اعتادوا عليه في المعيشة، ودفعهم نحو الاختراعات الجديدة أو أدى الى زيادة سرعة عملية احلال قوة العمل بعمالة أكثر تعليما وتدريبا.

وفي عام 1981 قدم جوليان سيمون أحد الاقتصاديين في جامعة ميريلاند بالترويج لفكرة أن النمو السكاني هو المصدر الاساسي للنمو الاقتصادي. فقد تجاهل الفكرة المالثاسية بأن الموارد في العالم محدودة، وأدعى أن الموارد محدودة بالقدرة على إختراعها، وأن القدرة على الاختراع تتزايد مع تزايد عدد العقول التي تحاول حل المشكلات. فقد تم استبدال الفحم بالخشب كمصدر من مصادر الطاقة، ثم بالنفط، ثم يمكن استبدال النفط في النهاية بالطاقة الشمسية إذا استطعنا تحقيق ذلك بشكل مناسب، وهكذا وفقا لسيمون فان الاختراعات تسير خطوة بخطوة مع النمو السكاني. على أن سيمون لم يعني بالنمو السكاني هنا النمو السكاني السريع، على العكس يرى سيمون أن النمو السكاني المعقول هو أفضل السبل نحو تحسين الرفاهية البشرية. وهكذا نرى أن سيمون قد وضع افتراضا جوهريا وهو أن النمو السكاني لكي يكون مفيدا لابد وأن يتم في جو يتسم بالحرية حيث يمكن للافراد التعبير عن أنفسهم وأن يكونوا مبدعين ومن ثم فان الاقتصاديات الحرة أو الرأسمالية هي الاجواء المناسبة لتمكين النمو السكاني من أن ينعكس على زيادة الموارد.

هل النمو السكاني لا علاقة له بالتنمية الاقتصادية:

إن وجهه النظر الماركسية تنحصر في أن مشاكل السكان سوف تنتهي حينما تحل المشاكل الاخرى في المجتمع وأن التنمية الاقتصادية تتم في المجتمع الاشتراكي. فقد أعتقد ماركس (وكذلك انجلز) بان لكل مجتمع في كل فترة تاريخية معينة قانونه السكاني الخاص، وأن التنمية الاقتصادية ترتبط بالهيكل السياسي والاقتصادي للمجتمع ولا ترتبط على الاطلاق بالنمو السكاني في هذا المجتمع، ومن وجهه نظر ماركس فان نمو السكان أو عدم نموه المصاحب للتنمية الاقتصادية ترتبط بطبيعة التنظيم الاجتماعي في المجتمع. ففي المجتمعات الرأسمالية قد تشجع الحكومات على النمو السكاني لكي تظل الاجور عند مستوى منخفض. أما في المجتمعات الاشتراكية لن يحدث مثل هذا التشجيع. فكل شخص يولد يتوافر له حد الكفاف الخاص به، وعدم حدوث ذلك يأتي أصلا من أن المجتمع منظم على أساس استغلال العمال من خلال السماح للرأسمالية بأن يحصلوا على أرباحا مرتفعة ويحرمون العمال من دخولهم الحقيقية.

ولقد أدعى قادة لدول المتخلفة أن النظام الاقتصادي في العالم يدار بنفس الطريقة التي وصفها ماركس. فالدول المتقدمة تقوم بشراء المواد الخام من الدول النامية بسعر زهيد وتقوم ببيع السلع المصنعة بأسعار مرتفعة مما يضع الدول النامية دائما في موقف الدول المدنية والغير مستقلة إقتصاديا، بل وأدعو أنه لو أن القوة الاقتصادية للدول المتقدمة انخفضت ولو أن القوة الاقتصادية للدول النامية ارتفعت فان التنمية الاقتصادية في دولهم كفيلة بحل مشكلات الفقر والجوع التي يعتقد أنها نتيجة للنمو السكاني، وتنتهي بذلك مشاكل النمو السكاني لان النمو السكاني من وجهه النظر هذه ليست مشكلة.

ويرى مؤيدو وجهه النظر هذه أن هناك بعض الحقائق من الواقع التي تؤيد ذلك. فبعد الثورة الشيوعية في روسيا قام لينين بالغاء القوانين التي تحظر الاجهاض وألغى القيود على الطلاق لتحرير النساء مما أدى الى انخفاض واضح في معدلات المواليد أما في كوبا في عام 1909 أرتفع معدل المواليد الخام من 27 الى 37 عام 1962. كذلك أنخفضت البطالة في المناطق الريفية، كذلك زادت فرص العمل في المدن، وكنتيجة لذلك قامت الحكومة بتخفيض سن الزواج وأوقفت برامج تنظيم الاسرة، ومنذ ذلك الحين أخذت معدلات المواليد في الانخفاض الى المستويات التي كانت سائدة قبل الثورة، وساعد على ذلك تخفيف القيود على الاجهاض وتوافر وسائل تحديد النسل أما الاسباب التي أدت الى انخفاض معدلات المواليد فترجع الى زيادة درجة التحضر بصفة خاصة بين سكان القرى، وتدهور المستوى الاقتصادي بعد النجاح المبدئي الذي تحقق بعد الثورة. هذه الحقائق م الواقع الذي عاشته كل من روسيا وكوبا تعرض بأن الثورة ممكن أن تعدل من الصورة الديموجرافية للدولة، وأن العلاقة بين السكان والتنمية الاقتصادية ليست واضحة. فالدول الاشتراكية سابقا انخفضت على مستويات المعيشة على العكس من ذلك هناك بعض الادعاءات بأن الانخفاض في معدلات المواليد كان راجعا الى القيود التي وضعت على الامكانيات الاقتصادية للأسر بصفة خاصة ثورة المساكن وقلة المتوافر من السلع الاشتراكية.

كذلك فإن الدراسات التطبيقية الحديثة أثبتت أن العلاقة بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي علاقة ضعيفة للغاية. على سبيل المثال قام بلوم وفري مان Bloom & Freeman بتجميع بيانات عن الدول النامية في الفترة من 1965 - 1984، وتوصلا الى نتيجة مؤيدة لوجهه النظر القائلة بضعف العلاقة بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية. فقد توصل الباحثان الى أنه بالرغم من ارتفاع معدلات النمو السكاني في هذه الدول فان أسواق العمل بها كانت قادرة على استيعاب الزيادة الكبيرة في السكان مع الزيادة زادت دخول العمال وكذلك انتاجيتهم. وبمعنى آخر فكما أشار ديفز في نظريته عن التغير السكاني والاستجابة، فان الاستجابة المبدأية للزيادة السكانية من جانب المجتمع هي العمل بشكل أكبر بهدف توفير الدعم للمواليد الجدد. ولكن هل يمكن للمجتمع الاستمرار في هذه العملية الى ما لانهاية، إن برستون (1986) preston يشير الى أنه من الممكن استمرار هذه العملية فقط في المناطق التي تتوافر لديها موارد طبيعية كفئة. وهو ما يعني أن المهم ليس مجرد الزيادة في اعداد السكان، ولكن الزيادة في أعداد السكان ذوي المستوى التعليمي المرتفع ومستوى تدريبي مرتفع والذين يتم مزجهم مع وسائل أفضل للاتصالات والمواصلات. فالدول النفطية أستطاعت أن ترفع متوسط نصيب الفرد من الدخل شكل واضح من خلال عمليات بيع النفط ولقد فعلت ذلك دون الالتفات الى معدلات النمو السكاني المرتفعة بها. على الجانب الأخر نجد أن هناك دولا تقل فيها الموارد الطبيعية بشكل واضح بما يجعل اضافة شخص جديدة الى القاعدة السكانية بها يؤثر على المستوى العام للمعيشة لكافة السكان في المجتمع. ففي بنجلاديش على سبيل المصال نجد أن معدلات الاجور الحقيقية في الزراعة عام 1970 تقل المستوى الفعلي للأجور الحقيقية عام 1830، في مثل هذه الحالات من السهل الادعاء بأن النمو السكاني عامل محدد للتنمية الاقتصادية بهذه الدول.

هل النمو السكاني عاملا مقيدا للتنمية الاقتصادية

تتوافق الاراء في الدول المتقدمة مع النظرة المالثاسيون الجدد بأن النمو السكاني يعد عاملا معوقا للتنمية الاقتصادية. فبغض النظر عن السبب المبدئي للنمو الاقتصادي، فان هذا النمو لن ينعكس في شكل تنمية إلا إذا تم التحكم في النمو السكاني. فالزيادة في السكان سوف تعني أعباء اضافية في صورة توفير الغذاء والكساء والمأوى ونفقات التعليم، وإذا لم يتزايد الناتج القومي بالقدر الذي يكفي لمواجهه هذه الاعباء فان مستويات المعيشة للسكان لن تتحسن.

دعنا نعطي مثالا لتوضيح وجهه النظر هذه. ففيما بين عامي 1970 و 1980 زاد الدخل القومي الاجمالي في المكسيك بـ 90% في الوقت الذين تزايد فيه السكان بمقدار بالثلث تقريبا وكنتيجة لذلك بلغت الزيادة في نصيب الفرد من الدخل بـ 28%. أى أن النمو السكاني استهلك 69% من الزيادة التي حدثت في الدخل القومي. وخلال نفس الفترة زاد الدخل القومي في الولايات المتحدة فقط بـ 27% بينما 11% فقط من الزيادة تم استهلاكها من خلال النمو السكاني ومن ثم زاد متوسط نصيب الفرد من الدخل في الولايات المتحدة بـ 24%، وهي نسبة تقارب النسبة التي زاد بها متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي في المكسيك بالرغم من أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بلغ ثلث معدل النمو في المكسيك في ذات الفترة.

على أن جانبا كبيرا من النمو في الدخل القومي في المكسيك كان نتيجة الزيادة في الدخل الناتج من النفط وافتراض المكسيك بضمان دخل النفط. ومن ثم كعندما انخفضت اسعار النفط عام 1982 تأثر الاقتصاد بصورة جوهرية، في ذات الوقت استمر النمو السكاني في الزيادة لدرجة أن متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي عام 1988 كان أقل من متوسط نصيب الفرد من الدخل عام 1980

إن النتيجة التي نخرج بها من ذلك هي أنه لو كان النمو السكاني بطيئا في المكسيك لتمت عملية التنمية الاقتصادية بصورة أكثر سهولة، ومن ثم يستنتج النيو مالثاسيون بأن النمو السكاني بعد عاملا محددا للتنمية الاقتصادية وإن التقدم المادي في هذه الدول سوف يتدهور أذا أستمر النمط الحالي للنمو السكاني، كذلك فان الفجوة بين الدول المتقدمة والدول النامية سوف تتسع.

التنمية الاقتصادية كمصدر للتغير السكاني:
حتى هذه اللحظة فاننا قد ناقشنا القضية من جانب واحد، وهو أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية، وإذا كان لنا أن نفهم بشكل كامل كيف أن النمو السكاني يعد عائقا للتنمية الاقتصادية، فان علينا أن ننظر الى الجانب الأخر من العملية لقد سبق أن رأينا التنمية الاقتصادية أدت الى أنخفاض في الوفيات ثم الى انخفاض في الخصوبة في الدول الصناعية، بمعةى آخر فان التنمية الاقتصادية تؤدي الى ارتفاع مبدئي في الزيادة السكانية ثم تأخذ معدلات النمو السكاني في الانخفاض فيما بعد. هذه ولقد قام كل كول وهوفر بتلخيص هذه العلاقة، حيث لاحظا أن التنمية الاقتصادية أدت الى انخفاض معدلات الوفيات في الدول المتقدمة، وأن التنمية الاقتصادية في هذه الدول هي التي أدت الى أنخفاض الوفيات في باقي دول العالم. أن أهم النقاط التي ينبغي أن نأخذها في الاعتبار هي أن التنمية الاقتصادية التي تؤدي الى تخفيض معدلات الوفيات، هي نفسها التي تشجع الازدواج على تخفيض معدلات المواليد.

أثر ارتفاع معدلات النمو السكاني على التنمية الاقتصادية :

إن وجهه النظر النيومالثاسية ترى أن النمو السكاني يحدث تأثيرا على كمية الموارد التي يتم استهلاكها في العالم، فالنمو السكاني في أى مكان في العالم يهدد نوعية الحياة التي نحياها، كما يجهض عمليات تحسين مستويات المعيشة التي تحاول الدول تحقيقها في ظل نمو سكاني مرتفع. ومن الناحية الواقعية هناك 3 جوانب مختلفة للتغير السكاني، حجم السكان، والهيكل العمري للسكان.

إن نقطة البدء في التنمية الاقتصادية هي الاستثمار الرأسمالي، ورأس المال يمثل رصيد السلع التي تستخدم في انتاج السلع الاخرى أى أنها ى تستهلك بشكل مباشر، وبهذا الشكل فان رأس المال هو الاموال التي ننفقها اليوم لكي نحصل على دخول إضافية في المستقبل، وهو ما يعني أن رأس المال لا يشمل فقط الانفاق على الالات والعدد والانفاق على العمليات المختلفة للانشاءات، ولكن أيضا يشمل رأس المال البشري، أى الانفاق على التعليم والصحة، وبشكل كعام الانفاق على تراكم وأستخدام المعرفة. ولكي ينمو أقتصاد ما، فان مستوى الانفاق الرأسمالي لابد وأن يتزايد، ومن الواضح أنه كلما زاد معدل نمو السكان فان مستوى الانفاق الرأسمالي لابد وأن يتزايد. وهذا ما أشار اليه ليبنشتاين، بأنه أذا زاد النمو السكاني بمعدلات تقترب من معدلات الاستثمار فان الاقتصاد سوف ينحصر في الدائرة المالثاسية للفقر، والنموالاقتصادي في هذه الحالة سوف يكون قادرا على اطعام الافواه الجديدة من السكان، ولكنه لن يكون قادرا على إنتشال الاقتصاد من حالة الفقر.

إن هذه المشكلة تتعقد بشكل واضح إذا علمنا أنه في عالمنا الحالي الذي يتميز بارتفاع معدلات النمو السكاني نجد أن الفقر منتشر بصورة واضحة بالشكل الذي سيحول دون قدرة الدول المتخلفة على ادخار الاموال اللازمة لدفع الاستثمار الى المستويات الكفيلة بدفع الاقتصاد نحو النمو الاقتصادي السريع. مما يستدعى ضرورة اعتماد اقتصاديات الدول النامية على الاقتراض من مدخرات الدول المتقدمة.

أثر حجم السكان على التنمية الاقتصادية

كلما زاد النمو السكاني بشكل أكبر كلما قلت القدرة على تجميع الموارد اللازمة للتنمية الاقتصادية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بأى قدر تتأثر قدرة المجتمع على تجميع الموارد نتيجة للنمو السكاني، لقد أدى هذا السؤال الى محاولة البحث عن مفهوم الحجم الأمثل للسكان في العالم أو في دولة ما. أن محاولة تحديد الحجم الأمثل للسكان تجعلنا نسأل ما هو حجم السكان الذي بعده تبدأ مستويات المعيشة في الانخفاض.

على أنه من المعلوم أن هناك ما يسمى باقتصاديات (أو وفورات) المجال المرتبطة بالحجم، بمعنى أن انخفاض عدد السكان ربما لا يساعد على النمو الاقتصادي، بل على العكس يؤدي الى تأخير التنمية الاقتصادية مثله في ذلك مثل الحجم الأكبر من اللازم من السكان فلا شك أن العالم اليوم في وضع أفضل بحجم سكاني مقداره 5 مليارات عن حجم سكاني مقداره مليارا واحدا. ومن ثم فان الحجم السكان المرتفع قد يكون أكثر فائدة من الناحية الاقتصادية، ومن ثم فقد ينمو حجم السكان الى المستوى الذي يجعله أكثر كفاءة في استغلال الموارد المتاحة في العالم، أو قد ينمو حجم السكان بالشكل الذي يستنزف موارد العالم، وحينما يصل الحجم السكاني الى هذه النقطة فاننا نقول أن الحجم السكاني قد تعدى الطاقة القوتية، أى حجم السكان الذي يمكن توفير القوت لهم عند مستوى معين للمعيشة.

على أن الطاقة القوتية سوف تختلف حسب المستوى الذي سوف تختاره لسكان العالم، فكلما أنخفض هذا المستوى كلما زاد عدد السكان الذين يمكن تحملهم، من ناحية أخرى أذا كان مستوى المعيشة المرغوب فيه مرتفعا فاننا نتجاوز في هذه الحالة الطاقة القوتية ونبدأ في استنزاف الموارد، وحينما نقوم بذلك فاننا نقلل من الطاقة القوتية في الاجل الطويل.

ان أهم الدراسات التي تمت في هذا المجال هي تلك الدراسة التطبقية حول الحجم الامثل للسكان والتي قام بها نادي روما Club of Rome بعنوان "حدود النمو" عام 1972، حيث حاولت دراستهم الاجابة عن السؤال الخاص بحجم السكان الذي يمكن الارض من تعظيم المستوى الاقتصادي والاجتماعي لقاطينها، وبعد أن قام فريق العمل من نادي روما ببناء نموذج للمحاكاة Simulation لتطبيقه على الحاسب الآلي في ظل بعض الخيارات المقترحة حول النمو السكاني والاستثمار الرأسمالي في التنمية، توصل الفريــق الى نتيجة خطيــرة مؤداها أن حجم الســكان في العــالم الحـالي كبير جدا، وأن السكان يستهلكون موارد العالم بمعدلات مرتفعة بالشكل الذي سيجعل موارد العالم تستنزف تماما عام 2100، حيث سينهار الاقتصاد العالمي وينخفض حجم السكان في العالم بصورة هائلة حيث يرتفع معدل الوفيات بسبب استنزاف موارد العالم.إن هذه النتيجة هي أكثر التوقعات قتامة حول النتائج المترتبة على النمو في السكان بصورة أكبر من نمو الموارد.على أنه يتبغي الاشارة الى أنه من الناحية الواقعية فان الصورة ليست بهذه القتامة، على سبيل المثال ربما يكون النفط مصدر من مصادر الطاقة النافذة، إلا أن الطاقة كمصدر لا نهائية وكل ما نحتاجه هو أن نكون على قدر من المهارة تمكننا من فك أسرار هذا العالم الذي نعيش فيه.

أثر الهيكل العمري على التنمية الاقتصادية

إن المجتمع الذي ينمو فيه السكان بصورة سريعة سوف يعني تكوني هيكل عمري يتصف بصغر السن كما أشرنا الى ذلك فيما سبق، بمعنى أن نسبة كبيرة من السكان سوف تكون عند سن صغيرة، وسوف يترتب على ذلك نتيجتان مهمتان لهذا الهيكل، الأولى على معدل الاعالة ، والثانية هي أنه سوف يضع ضغوطا حادة على الاقتصاد لتوليد المدخرات للقيام بالاستثمارات اللازمة للصناعة ولكي يتم توفير الوظائف لهؤلاء الجدد في سوف العمل.

أ - معدل الاعالة

إن نمو السكان بمعدلات مرتفعة سوف يؤدي الى جعل نسبة العمال (أو السكان في سن العمل) الى المحالين (أى السكان صغار السن وكبار السن) صغيرا، وهو ما يعني أنه في حالة نمو السكان بمعدلات مرتفعة فانه على كل كعامل أن يقوم بانتاج عددا أكبر من السلع (أى أن يعمل أكثر) فقط لمجرد الحفاظ على مستوى المعيشة لكل فرد من أفراد المجتمع. فالأب لستة أطفال سوف يحتاج الى أن يعمل أكثر ليحصل على دخل أكثر من الأب لثلاثة أطفال، لكي يحافظ على مستوى المعيشة لاسرته في نفس مستوى المعيشة للأسرة الصغيرة. من ناحية أخرى سنجد أن معظم المجتمعات تعتمد ولو بصورة جزئية على المدخرات المحلية لتولية الاستثمارات الرأسمالية اللازمة لتوسيع الاقتصاد، بغض النظر عن طبيعة النظام الاقتصادي السائد. وحينما يكون هيكل السكان هيكل صغار السن فإن ذلك يعني أن جانبا كبيرا من الدخل سوف يوجه الى الانفاق على المعالين لتوفير الضروريات لهم بدلا من ادخار هذه الأموال.

ب- الدخول الى قوة العمل

في المجتمعات التي ترتفع فيها معدلات النمو السكاني سنجد أن أعداد الداخلين الجدد الى سوق العمل سوف يتزايد كل عام حينما يبلغ السكان في المجموعات العمرية المختلفة سن العمل، ولكي تحدث التنمية الاقتصادية فلابد وأن يكون عدد الوظائف الجديدة على الاقل مساويا لعدد السكان الذين يبحثون عنها. وعملية خلق الوظائف ترتبط بالطبع بالنمو الاقتصادي والذي يعتمد على الاستثمار، وحينما يكون الهيكل العمري صغيرا يصبح من الصعب توليد القدر اللازم من الاستثمارات.
وحينما تنمو قوة العمل بمعدلات منخفضة فان الداخلين الجدد لسوق العمل سوف يشغلون الوظائف التي خلت بوفاة شاغليها أو أحالتهم الى التقاعد، أما إذا كان معدل نمو قوة العمل كبيرا فإن نسبة الذين يبحثون عن العمل الى تاركي الوظائف سوف تكون كبيرة.

Admin
Admin

المساهمات : 32
تاريخ التسجيل : 17/01/2012

https://developpement.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى